تعكس اللغة التي نتحدث بها مع أنفسنا تقديرنا لذواتنا، فهي النافذة التي ننظر بها إلى حياتنا والعالم من حولنا. عندما نكرر العبارات السلبية، فإنها تتسلل إلى عقولنا الباطنة، مبرمجة إيانا على الشعور بعدم الكفاءة وفقدان الاستحقاق.

في هذا المقال، سنتناول 7 عبارات شائعة تدل على تدني تقدير الذات أو عدم تقدير الذات، فإذا وجدت نفسك تستخدمينها، فقد حان الوقت لتغيير هذه العادات اللغوية، واكتساب وعي جديد بلغة إيجابية تعزز قيمتك الشخصية. لكن أولًا، دعينا نتعرف إلى تأثير العبارات السلبية على تقدير الذات.

آثار اللغة السلبية على الأشخاص

  1. برمجة العقل الباطن: استخدام اللغة السلبية مع أنفسنا تبرمج العقل الباطن على عدم الكفاءة أو الاستحقاق.
  2. عدم الثقة بالنفس: الطريقة القاسية أو غير المهذبة التي نتحدث بها مع أنفسنا تجعلنا نشعر بعدم القيمة أو الأهمية.
  3. توسيع دائرة السلبية: من يرغب في أن يكون برفقة شخص سلبي؟ اللغة المتدنية تولد طاقة سلبية في حياة الفرد ومن حوله، مما يجعل الآخرين يبتعدون عن هذه الطاقة.
  4. الحد من التطور: تحصرك اللغة السلبية ضمن إطار الخوف والنقص وتدني تقدير الذات ومعها يصعب علينا التقدم، والشروع في تحسين الذات واستكشاف إمكانياتها.

آثار اللغة الإيجابية على الأشخاص

  • تعزز العبارات الإيجابية من الثقة بالنفس.
  • تساعد في بناء عقلية التطور والنمو التي تنظر إلى التحديات كفرص للتطور.
  • تدعم السلام الداخلي والراحة النفسية وترفع من استحقاق الذات واحترام الذات.
  • توسيع دائرة العلاقات الشخصية وتحقيق علاقات أفضل تدعمك.

عبارات عدم تقدير الذات

الاعتذار مهم عندما نرتكب خطأ، فمن الشجاعة أن تعتذري والجبناء وحدهم من يتفادون الاعتذار. أما تكرار عبارات مثل”أنا كتير آسفة عم باخد من وقتك” أو “أنا كتير بعتذر ما سمعت التلفون” تشير إلى تدني تقدير الذات.

أما من منظور علم النفس، ينطوي الاعتذار المبالغ به على الأسباب التالية، مثل: آلية تكيف لتجنب الصراع حيث يتبنى هذا الأسلوب شخص نشأ في عائلة يؤدي فيها الخلاف البسيط إلى صراع أو عنف جسدي. كذلك، قد يلجأ آخرون إلى الاعتذار المفرط لحماية أنفسهم من العنف في العلاقة، كونهم تعرضوا إلى عنف في مرحلة الطفولة، أو خاضوا علاقات مسيئة في مرحلة البلوغ. ومن الأسباب الآخرى أيضًا القلق الاجتماعي واضطراب الوسواس القهري والخوف من الرفض والانتقاد.

كيف تتوقفين عن الاعتذار وتغيرين لغتك؟

  • كوني حذرة في استخدام اللغة:

بدلاً من قول “آسفة لجعلك تنتظر”، قولي “شكرًا على انتظارك أو صبرك”.

وبدلاً من قول “آسفة لإزعاجك”، قولي “شكرًا على وقتك”.

وإذا ارتطمت بأحدهم تجنبي قول “آسفة” وقولي “المعذرة” أو “لم أقصد” فأنت لم ترتطمي متعمدة.

  • قيّمي الموقف إن كان يتطلب الاعتذار أم لا.
  • من حقك أن يُسمع صوتك وأن تعبري عن نفسك، لست مسؤولة عن إدارة مشاعر الآخرين.

هل تقللين من إنجازاتك وجهودك بقول ” أي شخص يقوم بهذا ” أو عندما يشكرك أحدهم تجيبين “ولا شي” أو “ما في شي محرز” . قد تبدو لك هذه العبارات دلالة على التواضع لكنها في الواقع عبارات عدم تقدير الذات.

استخدام عبارات كهذه لا تدل على التواضع بل تشير إلى الاستخفاف بالنفس، فالتواضع هو عدم التباهي بإنجازاتك أو صفاتك الإيجابية. أما رفض المجاملات أو استخدام لغة قاسية مع نفسك يدل على استخفافك بنفسك. إليك المثال لتوضيح الفرق بين التواضع والاستخفاف بالذات:

صنعت طبقًا من المعكرونة بصوص الكريمة بعد أن تذوقته في المطعم لأول مرة. لم تكن النتيجة مطابقة تمامًا لكنها جيدة. يخبرك زوجك بأن الطبق لذيذ.

ردك المتواضع يكون كالتالي: شكرًا لك، حاولت طهيه بعد أن تذوقته في المطعم، ليس بالمستوى نفسه، لكنه غير سيئ كمحاولة أولى، في المرة المقبلة سيكون أفضل”.

ردك الذي ينطوي على استخفاف بالذات: “أوف سيئ، لا يشبه أبدًا الطبق الذي تناولته في المطعم، الصوص كثيف جدًا، والدجاج قاسٍ للغاية”.

لاحظي كيف أن الاستجابة المتواضعة واقعية، تعيد صياغة الموقف دون انتقاد الذات أو التهويل. عندما تقللين من قدر إنجازاتك أو مبادراتك فأنت تؤكدين لنفسك وللآخرين بأن جهودك لا قيمة لها، وبمرور الوقت يفقدك ذلك ثقتك بنفسك وقدرتك على القيام بأمور مهمة وتحقيق إنجازات فعلية. 

ماذا تفعلين في مواقف كهذه؟

عندما يجاملك أو يشكرك أحدهم، استقبلي ذلك استقبلي الشكر والمديح والمجاملة وحتى الغزل. قولي “شكرًا لك” أو “من دواعي سروري” أو “على الرحب والسعة” قوليها بلغتك العامية أو حتى بالفصحى مع ابتسامة “أهلا وسهلا”. استخدميها واشعري بالتغيير بعد فترة قصيرة، انتقلي من عدم تقدير الذات إلى احترام وتقدير الذات. 

عبارات تدني تقدير الذات

وفقًا لدراسة أعدتها تالار أغوبيان من جامعة تشارلز -براغ، فإن الأشخاص الذين يعانون من انخفاض احترام الذات أو عدم تقدير الذات يعزون نجاحاتهم إلى أسباب خارجية مثل القدر أو الحظ أو الصدفة. ومهما حققوا من نجاحات يبقى احترامهم لذواتهم منخفضًا. لا ريب بأن تعزيز الثقة بالنفس مسألة ضرورية لعيش الحياة براحة وتوازن، تستطيعين البدء بخطوات بسيطة، كأن تكفي عن استخدام عبارات مماثلة وتطوير نمط جديد في الحديث مع نفسك وخلق لغة جديدة محفزة.

إذا جاء طفلك الصغير ليريك لوحة رسمها بنفسه، ويشعر بالغبطة والفخر بها، ماذا ستقولين له؟ بشعة مملة عادية! بل ستمدحينه وتشجعينه حتى يعود فورًا إلى مكانه ويرسم رسمة أجمل. من الأجدر أن تولي طفلك الداخلي الرعاية والاهتمام والتشجيع والتقدير ذاته.

لا تنتظري الإنجازات الكبيرة لتصفقي لنفسك، هل طهوت طبقًا لذيذًا امدحي نفسك، هل منزلك مرتب ونظيف اشكري نفسك، هل أنجزت مهامك في العمل صفقي لنفسك.

لقد عملت بجد وتفانٍ حتى وصلت إلى هنا، ولم يكن وليد الحظ أو الصدفة، لذا أعطِ نفسك التقدير الذي تستحقينه.

يحدث أن تتكرم عليك الحياة بمفاجآت سارة وأفراح غير متوقعة، في غمرة هذه اللحظة قد تشعرين فجأة بالانقباض، أو قد تقولين لنفسك “الله يستر”، أو “ما بستحق هالشي”. فأنت داخليًا ونفسيًا لا تؤمنين بأنك تستحقين السعادة أو النجاح أو الحب، لكن الحقيقة: أنت تستحقينها. جميع الناس يستحقون السعادة والفرح. 

ابتعدي عن استخدام عبارات تدني تقدير الذات كهذه واستبدليها بعبارات أخرى “بستحق وأكثر” أو “أنا بستحق الخير والسعادة”. الناس يعيشون رحلة طويلة ويتعرضون فيها للقسوة والخيبات والصدمات، وبالنهاية يستحق الناس عيش التجارب الإنسانية بزخمها.

أنت تستحقين السعادة والفرح والحب، اشعري بإثارة النجاح، استمتعي بالمغامرات، استقبلي الأموال واشعري بالامتنان.  

تأكيدات يمكنك استخدامها في أوقات مماثلة:

  • أستحق كل الخير والسعادة التي تأتي في طريقي.
  • أستحق الفرح والحب، وأسمح لنفسي بالاستمتاع بها.
  • أنا جديرة بالنجاح وأستحق الأفضل دائمًا.
  • أستقبل الخير وأحتفل باللحظات الجميلة.
  • أستقبل عطايا الحياة الجميلة وأستمتع بها.

“ما عم أقدر اتحمل” عبارة سورية شائعة، وإحدى عبارت عدم تقدير الذات التي كثيرًا ما نستعملها في المواقف العصيبة والأزمات المرهقة، تحت وطأتها تشعرين بثقل العالم كله يجثم فوق صدرك.

لكن استخدام هذه العبارة تغذي عقلك بفكرة العجز والضعف. لا نقول لك ألا تشعري بالضعف أو الألم لكن لا تغذيها بأفكارك الخاطئة حتى لا تغلقي أمامك الأبواب قبل أن تطئي العتبة.

بدلًا من قول “ما بقدر” ادعمي نفسك بقول:

  • أنا قادرة على التعامل مع أي موقف يواجهني.
  • أنا مرنة ومع كل موقف أزداد قوة.
  • هي اللحظة ستمر، وعندي القوة لأتجاوزها.
  • كل تحدي هو فرصة لأنمو وأصير أقوى.
  • أحرر الخوف وأستقبل الشجاعة بهاللحظة.

في الحقيقة لا يوجد من يرتكب الأخطاء دائمًا، لكنك آثرت إطلاق الأحكام على نفسك ووصفها بالخطاءة. ارتكاب الأخطاء هي مسألة بشرية، منها نتعلم وننمو ونصبح أكثر وعيًا وتطورًا نفسيًا ومعرفيًا وروحانيًا ومهنيًا.

قد لا نتحدث علنًا بهذه العبارة أو ما يشبهها، لكن الإحساس بها أقوى وأعظم، أن تشعري بأن كل ما يحدث لك أو للآخرين هو خطؤك أنت، هي مسألة تحتاج إلى إعادة نظر!

نعم، نرتكب الأخطاء، والعديد منها، لكنها لا تحدد من نحن أو من نكون، لأننا في تغيير مستمر والزمن لا يتوقف. نحن في رحلة تعلم ونمو، والأخطاء مجرد عثرات مؤقتة، تمضي لكنها تدفعنا بخطوات أكثر ثباتًا إلى الأمام.

تبني العبارات التالية واستخدميها عند ارتكاب خطأ ما:

  • أتعلم من أخطائي وأصبح أفضل في كل مرة.
  • أنا لست أخطائي، أنا أكبر منها.
  • كل خطأ هو خطوة لتطوير نفسي وقدراتي.
  • أسمح لنفسي بارتكاب الأخطاء دون أن أحكم على نفسي.
  • أنا إنسانة تنمو وتتطور، والأخطاء جزء من طبيعتي ومن رحلتي.

في الحقيقة، تدعم وسائل التواصل الاجتماعي موضوع “المقارنات الشخصية”، حتى ولم تقولي بينك وبين نفسك “ياريت لو أني فلانة” لكن شعور ما يجتاحك وأنت ترين الممثلة أو المطربة أو المؤثرة أو غيرهن في أكثر لحظاتهن ألقًا وتوهجًا. فوسائل التواصل الاجتماعي تتغذى على نقاط ضعفك ومخاوفك وعدم الأمان لديك. إذا أردت الاطلاع على كيفية تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على صورة جسم المرأة ننصحك بالنقر هنا.

لأمرٌ رائع أن تنظري بإعجاب إلى الأخريات، ومن المهم أيضًا أن تقدري صفاتك الشخصية الفريدة. لكن بدلًا من تمني أن تكوني فلانة، استثمري في نفسك، واسعي لتكوني النسخة الأفضل من ذاتك. هل تعتقدين بأن امرأة أو شخصية اعتبارية تتمتع بالثقة وتقدير الذات تتمنى أن تكون محل غيرها، بالطبع لا. فالمرأة الواثقة بذاتها هي الأنثى التي عرفت قدر نفسها وترى بوضوح نقاط قوتها ومكامن سحرها، وهي التي قد تعرّفت أيضًا إلى مواطن ضعفها، فتسعى لاكتشاف الأدوات والتقنيات المناسبة لتحويلها إلى مصدر قوة.

استخدمي العبارات التالية لدعم ثقتك بنفسك:

  • أنا أستحق الحب والنجاح.
  • أؤمن بقدراتي وأثق في نفسي.
  • أحب نفسي وأقبلها بنورها وظلامها.
  • أنا جميلة من الداخل والخارج.
  • طاقتي الإيجابية تجذب الفرص والأشخاص المناسبين لحياتي.

تسهم لغتك إلى حد كبير في تشكيل خياراتك ومشاعرك وحتى مستوى القلق في جسمك. عندما تستخدمين لغة سلبية أو قاسية مع نفسك، فإنها غالبًا ما تنعكس على طريقة تعاملك مع الآخرين وطريقة تعاملهم معك. ولا تتعجبي إن وجدت الآخرين يعاملونك بالطريقة التي تعاملين بها نفسك.

من الآن، راقبي أفكارك قبل أن تتحول إلى كلمات، وإن حدث وتفوهت بجمل أو عبارات تنطوي على عدم تقدير الذات، أعيدي صياغتها على الفور، بالطريقة التي تليق بإنسانيتك وكرامتك.

المصادر:

المصدر الأول

اقرئي أيضًا:

ما هي العلاقات السامة في العمل وكيف تتعاملين معها؟

مهارات تطوير الذات: رحلتك لبلوغ القمر تبدأ من هنا

تعزيز الثقة بالنفس: 7 تقنيات فعّالة لتكوني امرأة ميتا

اختبار الشخصية السامة: اكتشفي إن كنت في علاقة سامة أم لا؟