تعانين من مدير سام أو سلوكيات سامة في مكان عملك؟ يؤسفني القول أنه يندر خلو أية مؤسسة حكومية أو شركة خاصة من العلاقات السامة أو الأشخاص السامين في مكان العمل.
وبما أن مكان العمل هو أكثر مكان نقضي فيه أوقاتنا، ويمر عمرنا بين جدرانه وفي ردهاته وقاعاته، من الضروري أن تتصف بيئة العمل بالتعاون والمحبة والاحترام. خلافًا لذلك، ستؤثر العلاقات السامة سلبًا عليك، وبمرور الوقت قد تصابين بالإحباط والاكتئاب ويضعف أداء عملك وإنتاجيتك.
يصعب البقاء والعمل في بيئة سامة، سواء أكانت هذه السلوكيات تصدر عن المدير أو أحد الموظفين. ومع ذلك، وقبل أن تلوحي ورقة استقالتك واستسلامك عاليًا، فكري في أية خطوات أو إجراءات يمكنك أن تتخذيها إزاء العلاقات السامة أو الشخص السام.
في هذا المقال نقدم لك أهم ما تحتاجين إلى معرفته عن العلاقات السامة في العمل، وأبرز صفات المدير السام، وكيف تتعاملين مع هذه السلوكيات، وغيرها الكثير من العناوين المهمة.
العلاقات السامة بكل بساطة هي العلاقات الضارة والسلبية بين الأفراد، أما في بيئة العمل تتجلى صورها في التنمر والتحرش والتمييز والنميمة وعدم احترام زملاء العمل.
قد ينتج عن العلاقات السامة في العمل نتائج جسيمة تؤثر سلبًا على رفاهية الموظفين والنجاح العام للمؤسسة. إذ أظهرت الأبحاث أن التعرض للسلوك السام يمكن أن يؤدي إلى التوتر والقلق والاكتئاب ومشاكل في الصحة البدنية. كما ينجم عن العلاقات السامة انخفاض الإنتاجية ومعدلات دوران الموظفين العالية (أي الذين تركوا العمل أو تم فصلهم واستبدالهم بموظفين جدد) وسوء سمعة المؤسسة أو الشركة. لذا من الضروري التعرف إلى السلوك السام وفهم تأثيره واتخاذ الإجراءات اللازمة لإدارة البيئة السامة وتحويلها إلى بيئة إيجابية.
وجد علم الأعصاب احتمالية تأثير الأشخاص السامين على الدماغ، وأن التعرض للسلوك السام يمكن أن يسبب التوتر والقلق والاكتئاب، ومن الرائج أن يؤثر على قدرة الدماغ في اتخاذ القرارات وحل المشكلات وتنظيم المشاعر. كذلك وجدت بعض الدراسات أن العلاقات السامة يمكن أن تؤثر على تكوين الروابط الاجتماعية، فتؤدي إلى العزلة وضعف الثقة وغياب التعاطف، وبالتالي تخلق بيئة عمل سلبية تؤثر على أداء الفريق ككل.
القيادة هي الركيزة الأساسية لنجاح أي منظمة. وبالرغم من ذلك، يتسم بعض القادة أحيانا بالسُمية فيلحقون الأذى بالفريق أو الموظفين في المؤسسة. يميل هؤلاء القادة إلى تبني أساليب التخويف والترهيب للسيطرة على فريقهم وخلق بيئة عمل سامة. ومن نتائج هذه الإدارة أو القيادة انخفاض الروح العنوية للفريق وارتفاع معدل دوران الموظفين وانخفاض الإنتاجية والتأثير السلبي على سمعة المنظمة.
إليك أبرز سمات أو صفات المدراء السامين:
غالبًا ما يكون القادة السامون أنانيين ويعتقدون أنهم مركز الاهتمام. يسعون إلى نيل الإعجاب وكسب الاهتمام من الآخرين، فإذا لم يتلقوه يصبحون ميالين إلى الغضب والعدائية.
من المحتمل أن يشعر المدراء السامون بأهمية الذات على نحو مفرط، ويعتقدون بأنهم أفضل من الآخرين. ينظرون إلى أعضاء فريقهم بازدراء ويرفضون الاستماع إلى آرائهم أو أفكارهم.
القادة السامون يفتقرون إلى التعاطف مع أعضاء فريقهم، ولا يأخذون مشاعرهم أو حاجاتهم على محمل الجد. وقد يستخدمون سلطتهم لاستغلال أو إساءة معاملة أعضاء فريقهم.
يميل القادة السامون في بعض الأحيان إلى استعمال أسلوب التلاعب للسيطرة على أعضاء فريقهم. بالإضافة التخويف أو الترهيب للحصول على ما يريدون، وقد يعاقبون أعضاء فريقهم أو يكافئونهم بناءً على سلوكهم.
قد يفرض القادة السامون على أعضاء فريقهم إدارة تفصيلية، ويطلبون منهم الإبلاغ عن جميع تفاصيل عملهم. الأمر الذي يؤدي إلى خلق بيئة عمل مرهقة، ويخلق لدى أعضاء الفريق شعور بعدم الثقة بهم.
تعرفي إلى المشكلة: ابتداءً يجب التعرف إلى مديرك وتحديد أنه قائد سام. قد يصعب عليك الأمر، ولا سيما إن كنت موظفة جديدة وغير معتادة على أشكال العلاقات السامة أو أسلوب الإدارة السامة.
سجّلي سلوك المدير: احتفظي بسجل مكتوب لسلوك المدير السام، على سبيل المثال رسائل البريد الإلكتروني والمحادثات وأية حوادث أخرى.
اطلبي الدعم: تحدثي إلى زميل أو مرشد يمكنه تقديم الدعم والمشورة. واطلبي أية إرشادات فعّالة للتعامل مع المدير السام.
واجهي المدير: في الوقت الذي لا تشعرين فيه بالراحة واجهي مديرك وعبري عن مخاوفك، كوني واضحة ومحددة بشأن السلوك الذي يؤثر عليك وعلى الفريق.
صعّدي المشكلة: إذا لم يعمل مديرك على تحسين سلوكه، صعّدي المشكلة إلى سلطة أعلى مثل إدارة الموارد البشرية أو الإدارة العليا، وكوني مستعدة لتقديم الأدلة على سلوكه السام.
ليس وحده المدير السام من يؤثر على أداء الفريق وإنما أيضًا الموظفون، فقد يظهرون أحيانًا سلوكيات تكاد تكون مدمرة ومؤذية. إليك أبرز صفات الموظف السام:
1. النميمة
قد ينشر الموظفون السامون الشائعات والنميمة عن زملائهم في مكان العمل. مما يخلق بيئة عمل سامة ويسبب انعدام الثقة وخلق الصراع داخل الفريق.
2. التنمر
قد يتنمر الموظفون السامون على زملائهم، ويسببون المحن العاطفية، وبالتالي سيؤثرون على إنتاجية الفريق.
3. السلبية
قد يكون لدى الموظفين السامون موقف سلبي وقد يشكون أو ينتقدون زملائهم أو المؤسسة باستمرار. وقد يؤدي هذا إلى خلق بيئة عمل محبطة تؤثر على معنويات الفريق.
4. غياب التعاون
من علامات العلاقات السامة رفض الموظفين السامين التعاون مع زملائهم أو قد يحجبون عنهم المعلومات أو الموارد عمدًا. مما يؤثر على عمل المؤسسة أو أداء الفريق.
5. الافتقار إلى التواصل
لدى الموظفون السامون أحيانًا مهارات تواصل ضعيفة، وقد لا يستمعون إلى زملائهم أو يقاطعونهم باستمرار. يتسبب هذا السلوك في حدوث سوء تفاهم ويؤثر على فعالية الفريق.
إذ كان في دائرتك أو فريقك موظف سام لمن الضروري معالجة المشكلة قبل أن تبدأ العلاقات السامة بالتأثير على أداء الفريق، إليك أهم الخطوات التي يمكنك تبنيها:
حددي المشكلة: حددي السلوك الذي يسبب المشكلة. لاحظي السلوك وتحدثي إلى زملائه لفهم المشكلة على نحوٍ أفضل.
قدمي الملاحظات: بمجرد تحديد السلوك السام، قدمي ملاحظاتك للموظف السام، كوني محددة تمامًا بشأن السلوك الذي يسبب المشكلة، وكيف يؤثر على أداء الفريق.
حددي التوقعات: حددي تمامًا توقعاتك من أداء وعمل الموظف وماذا ستكون العواقب المترتبة عليه إن لم يلتزم بهذه التوقعات. تأكدي من أن يفهم ما هو متوقع منه وما العواقب أو النتائج المترتبة من عدم تغيير سلوكه.
قدمي الدعم: قدمي للموظف فرصة الدعم لمساعدته على تحسين سلوكه من خلال التدريب أو التوجيه أو الإرشاد.
اتخذي الإجراء المناسب: في حالة لم يتحسن سلوك الموظف السام، فأنت مضطرة إلى اتخاذ إجراء تأديبي. يمكن أن يشمل ذلك التحذيري الشفهي أو التحذير الكتابي أو إنهاء عقد العمل.
إذا واجهت موقفًا سامًا في أثناء عملك، فهناك عدة خطوات يمكنك اتخاذها للتعامل مع هذا الموقف، أو إزاء العلاقات السامة في العمل:
حافظي على هدوئك
من المهم جدًا ألا تتفاعلي مع الموقف وأن تحافظي على هدوئك، خذي أنفاسًا عميقة وابقي موضوعية قدر استطاعتك.
اطلبي الدعم
تحدثي إلى زميل أو مرشد يمكنه إرشادك وتقديم الدعم. فمن المحتمل أن يكونوا على دراية في كيفية التعامل مع مواقف سامة مماثلة.
ضعي حدودك
دعي الموظف السام يتعرف إلى حدودك وأن سلوكه غير مقبول معك وأنه توجد عواقب تترتب على عدم احترام حدودك.
ركزي على الحلول
لا تركزي على المشكلة بل على إيجاد الحلول. فكري في الطريقة المثلى لتحسين الموقف وحددي الخطوات التي يمكن أن تتخذيها لمعالجة السلوك السام.
صعّدي المشكلة
إذا لم يبدِ الموظف تحسنًا في سلوكه معك، ارفعي المشكلة إلى سلطة أعلى مثل مديرك، أو إدارة الموارد البشرية، أو الإدارة العليا. في الوقت ذاته كوني مستعدة لتقديم أدلة أو أمثلة على السلوك السام.
إن تحويل بيئة العمل السامة إلى بيئة صحية ليست بالمسألة السهلة لكنها غير مستحيلة، إليك بعض الخطوات التي يمكنك اتباعها للانتقال إلى بيئة عمل صحية:
كوني قدوة إيجابية: كوني قدوة للآخرين من خلال سلوكك الإيجابي، كوني محترمة ومتعاطفة وداعمة لزملائك دائمًا.
تواصلي بانفتاح: عززي التواصل المنفتح من خلال تشجيع الموظفين على مشاركة أفكارهم وآرائهم. استمعي للآخرين واستجيبي لهم باحترام.
شجعي التعاون: عززي مفاهيم التعاون والعمل الجماعي لبناء الثقة وخلق بيئة عمل إيجابية، شجعي زملائك على العمل معًا ودعم بعضهم البعض.
قدمي الدعم والاستشارة: قدمي الدعم للزملاء متى احتاجوا إليه، يمكن أن يشمل ذلك الإرشاد أو التدريب أو الاستشارة للتعامل مع مواقف كهذه.
عالجي الجذور: حددي السبب الجذري للبيئة السامة، واتخذي الإجراءات الضرورية لمعالجتها. قد يتضمن ذلك تغييرات في سياسة الشركة أو الإجراءات المتبعة.
دعيهم يتحملون المسؤولية: ليتحمل الشخص السام مسؤولية أفعاله وسلوكه، واتخذي أية إجراءات مناسبة عند الضرورة. وكوني حازمة بشأن عدم التسامح مع أي سلوك سام.
احتفلي بالنجاحات: احتفلي بالنجاحات وأعلني عن التغييرات الإيجابية التي تحدث. يمكن لهذا أن يساعد في خلق بيئة صحية وإيجابية في مكان العمل.
ليس من السهل التعامل مع الموظف السام أو السلوكيات السامة، ومع ذلك لا ضير من اتباع بعض الإجراءات والخطوات قبل أن تفكري في تغيير عملك. ومع ذلك، يجدر بك البحث عن عمل جديد في حالة لم تتوقف فيها هذه السلوكيات أو تتغير، فصحتك النفسية هنا والدفاع عن حدودك هي ما يهم حقًا ويجدر بك صونها وحمايتها. أما بالنسبة للمؤسسات والشركات فيجدر بها التعرف إلى العلاقت السامة أو السلوكيات السامة، واتخاذ الإجراءات الضرورية لمعالجاته، وجعل بيئة العمل إيجابية تفاديًا لأية تأثيرات سلبية على أداء المنظمة.
المصادر:
مديحة بي صاحبة رسالة ومشروع يقظة المرأة
تعزيز الثقة بالنفس: 7 تقنيات فعّالة لتكوني امرأة ميتا
أثر وسائل التواصل الاجتماعي على صورة جسم المرأة
انطلاقًا من أهمية موضوع الطفل الداخلي وتأثيره العميق والكبير على حياتنا، واستكمالنا لمقالنا السابق شفاء…
بالرغم من أن مفهوم الطفل الداخلي ظهر في أربعينيات القرن الماضي على يد الفيلسوف السويسري…
ما هو الحيوان الروحي؟ يشير الحيوان الروحي في بعض الثقافات الروحية القديمة إلى روح تحمي…
هل تصدقين بأن ألم الدورة الشهرية مجرد فكرة موجودة في رأسك؟ كثيرًا ما قابلت فتيات…
نتساءل ويسأل كثيرون ما هو الحب؟ يرغبون في معرفة إن كان ما يعيشونه من مشاعر…
كثير من النساء والفتيات عالقات مسجونات في شباك وهم الزمن - الماضي والمستقبل، وغير قادرات…