العلاقة الحميمية والجنسية: حين تُزهر طاقتك الأنثوية ببهاء

يخلط كثيرون بين العلاقة الحميمية والعلاقة الجنسية، ويعتقدون أنهما الشيء ذاته. لكن في الحقيقة، تنطوي الحميمية على أنواع من العلاقات وأشكال أوسع وأعمق بكثير؛ فهي تشير إلى حالة من التقارب والانفتاح والتواصل الحقيقي، سواء في العلاقات الرومانسية أو العائلية أو حتى الصداقات.

تتجلى الحميمية في عدة أشكال، منها:

  • الحميمية الجسدية: التي تظهر في التلامس كالعناق أو التقبيل أو إمساك اليد.
  • الحميمية العاطفية: تتجلى في مشاركة المشاعر والأحاسيس العميقة.
  • الحميمية الفكرية: تسمح بتبادل الأفكار والآراء على اختلافها.
  • الحميمية الروحية: يتشارك الطرفان القيم والرؤية للحياة والوجود.

في السياق ذاته، تلعب الأنوثة المتوازنة والمتشافية دورًا كبيرًا في نجاح أبعاد هذه العلاقة. فالأنوثة لا ترتكز على المظهر الخارجي وحده، بل هي طاقة داخلية تستقبل وتصغي وتُشعّ بالمحبة والوعي الذاتي.

نسلط الضوء في هذا المقال على أبرز الخطوات التي ستساعدك على تعزيز وعيك بالعلاقة الحميمية والنشاط الجنسي، وتُتيح لك التألق بأنوثتك الطبيعية في علاقتك.

المرأة بين الطاقة الذكورية والأنثوية

تتراكم الأعباء على المرأة، ولا سيما مع وقائع الثورات والحروب والتهجير واللجوء، حيث تجد شريحة واسعة جدًا نفسها اليوم تحت ضغوط للبقاء ضمن الطاقة الذكورية، لتوفير الاحتياجات الأساسية من مأكل وملبس ومشرب، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى، وفي عصرنا هذا يحتفي العالم ويمجد الصفات الذكورية، ويسفّه من الطاقة الأنثوية، فأصبحت المرأة تجد قيمتها فقط بالعمل الجاد، وتحقيق النجاحات والإنجازات، وتبوء المناصب.

أما أسلوب الحياة الاستهلاكي والمتسارع جعلنا نتجاهل أيضًا قيمة الطاقة الأنثوية، ولهذا السبب غالبًا ما نشعر بالحزن وعدم الرضا “في شي ناقص”. عدا عن التفكير الزائد وثرثرة العقل التي لا تتوقف، وإذ ما تعدّت إلى وقت ممارسة الحب أو العلاقة الجنسية أحبطتها أيما إحباط.   

للأسباب الآنفة الذكر وغيرها، تبرز ضرورة ممارسة بعض الطقوس اليومية للتواصل مع أجسامنا على نحو أفضل والوعي بأفكارنا، وتدريب أنفسنا على اقتناص الحاضر بكل كياننا. هذه الممارسات ستفضي قطعًا إلى علاقة حميمية أحسن ونشاط جنسي أفضل.

الالتزام بطقوس صباحية تُغذي أنوثتك

الابتداء بابتكار طقوس صباحية للتواصل مع الحدس، مع العلم أنك قد تتلقين إشارات عمّا ترغبين حقًا في فعله بمرور الوقت. يمكنك البدء بالاستيقاظ مبكرًا قبل الجميع لتستقري في نفسك وتتواصلي معها. ثم ممارسة التأمل الموجه (Guided meditation)، بعدها تحضير الشاي أو القهوة، الجلوس في مكانك المفضل قرب نباتاتك، أو في البلكونة أو الحديقة، الاستمتاع بأشعة الشمس الصباحية الرقيقة والنسمات المنعشة.  

ما يهم في الأمر أن تمنحي نفسك مساحة للتواصل مع نفسك والتفاعل مع محيطك قبل بداية اليوم لتعزيز الاتصال مع ذاتك وعالمك الداخلي.

تخصيص ركن أنثوي لك في المنزل

دون وعي أو لاشعوريًا لدينا زواية معينة في المنزل نركن إليها، إن لم تكن لديك خصصي ركنًا، واجعليه ملاذًا آمنا لك، اعتني به وضعي فيه ما يجعلك تشعرين بالراحة، حجر بلوري أو شمعة أو بخور أو أيًا كان. تكمن الفكرة في أن تعودي إلى هذه الزاوية التماسًا للسكينة والعودة إلى الذات والابتعاد عن ضوضاء وتلوث العالم الخارجي السمعي والبصري. بعض الدقائق التي ستقضيها هناك تهيئك للتواصل مع طاقتك الأنثوية وحدسك، ومنها للتواصل مع نفسك أو مع شريكك بصفاء وانفتاح مما يعزز العلاقة الحميمية بينكما. 

الإصغاء العميق إلى الشريك

الاصغاء إلى الشريك من أبرز خطوات تعزيز العلاقة الحميمية بين الشريكين، وهذا لا يعني أن توافقيه الرأي أو أن تشعرين كما يشعر تمامًا، بل أن تتفهمي مشاعره، أن تكوني حاضرة كليًا معه، أن تستمعي إلى ما يقوله بصدق. كأن تقولي مثلًا: “أنا أسمعك، هل تقصد هذا؟” ثم تعبري عن تعاطفك “أفهم لماذا تشعر بذلك”.

وضَّح جون غراي في كتابه الشهير «الرجال من المريخ والنساء من الزهرة» أن أغلب الرجال يفضلون الإنسحاب والبقاء وحدهم عندما يمرون بضغوط نفسية. في أوقاتٍ كهذه يكونون غير مستعدين للحوار، لذلك من الأفضل أن تمنحيه مساحته، وأن تتحدثي عن مشكلاتك مع صديقاتك، أو أن تخرجي للمشي أو التسوق، ريثما يخرج من كهف الاعتزال.

حديث القلب وتخصيص مساحة للتعبير

الطاقة الأنثوية تحقق التواصل الصحيح مع الشريك، والتحدث من القلب يجعل الحوار أكثر رقة وأنوثة، وتزرع بذور التفاهم في العلاقة الحميمية. الكلام من القلب لا ينحصر فقط في التفوه بالكلمات، وإنما بنبرة الصوت وصدق المشاعر. فالشعور بأن كل طرف في هذه العلاقة مسموع ومفهوم يخلق جسرًا عاطفيًا بين الزوجين.

عندما تكونين منزعجة، تحدثي ببطء وانتبهي للكلمات التي تتفوهين بها. هل هي لطيفة؟ هل هي محبة؟ في حين أن استخدام لغة “أنا” بدلًا من “أنت” يخفف من حدة الحوار، ويحوّل اتجاه الحديث من نقد إلى مشاركة.

الاستقبال يُعمّق العلاقة الحميمية

الاستقبال من أبرز خصائص طاقة الأنوثة، أي أن تستقبلي الحب أو الإطراء أو الدعم النفسي أو المادي، فالاستقبال من الشريك يظهر تقديرك له. عندما يمدحك شريكك في المرة القادمة استقبلي المديح، تقبليه بصدر رحب، واشكريه بدلًا من التلفظ بعبارات “ما من داع” أو “إنك تبالغ” التي لا تظهر التقدير ولا الثقة بالنفس. أضيفي إلى أن الاستقبال يعزز من طاقة الأنوثة، ويقوي الروابط العاطفية بين الشريكين.

التحرر من التوقعات الجنسية

للجميع توقعات مسبقة عن العلاقة الجنسية، وهذه التوقعات مما سمعوه من تجارب الآخرين أو مما رؤوه على الشاشات أو حتى قرؤوه، إلا أن هذه التجارب لا تنطبق على الجميع لأنها شخصية بامتياز. لذلك، ولأجل تحقيق تواصل حميمي عميق يجب التحرر من القيود الذهنية والتوقعات المسبقة فيما يجب أن يحدث أثناء ممارسة الجنس، أو ما الذي يريده الشريك، والانغماس كليًا في التجربة وإطلاق العنان للمشاعر الحقيقية.

التعبير عن حاجاتك ورغباتك الجنسية بشجاعة

ننشأ في البلدان العربية على الصمت والخجل والعيب والحرام، وتظهر آثار هذه النشأة في العلاقة الجنسية، حيث يصعب على المرأة التعبير عن حاجاتها ورغباتها، وهذا ما يجعل العلاقة في كثير من الأحيان غير مرضية للطرفين.

التعبير عن الحاجات والرغبات في أثناء العلاقة الجنسية هو تجسيد للأنوثة الحقيقية، وتشير الدراسات إلى أن التواصل الصريح حول موضوع الجنس يؤدي إلى مستويات أعلى من الرضا العاطفي والجسمي في العلاقة.

فقد جاء في دراسة على «National Library of Medicine» أن التواصل حول العلاقة الجنسية أمر بالغ الأهمية للحفاظ على صحة الوظيفة الجنسية. وأظهرت دراسات أُجريت على مدار سنوات مختلفة، بدءًا من سبعينيات القرن الماضي، أن الأزواج الذين يعانون من صعوبات جنسية غالبًا ما يعانون من مشاكل في الحديث والتعبير الجنسي.

يؤكد مركز «Baylor College of Medicine» على أهمية التواصل مع الشريك في العلاقة الحميمية والنشاط الجنسي. فالحديث الواضح والموجز قبل النشاط الجنسي ضروري جدًا، فالتواصل عملية مستمرة تتضمن التعرف على حدود الآخر وحاجاته وتفضيلاته. كما يجعل الحديث عن العلاقة الجنسية فيما بعد أسهل.

طقوس وتأملات في المتعة والحميمية

اتركي للعلاقة الحميمية أن تخلق لك مساحة للتأمل والاتصال مع الذات، وطرح أسئلة من شأنها أن تتعرفي من خلالها على علاقتك بالمتعة، مثل “ما هي علاقتي بالمتعة؟” و”هل أسمح لنفسي حقًا أن أعيشها بكاملها؟” هذا الأسئلة تشرع لك النافذة على نفسك لتفهميها وتقبليها. تدريب نفسك على الشعور بالمتعة الشخصية من خلال التنفس العميق أو قضاء أوقات هادئة يجعلك أكثر حضورًا في العلاقة الجنسية. ولا يقتصر الأمر هنا على التفاعل الجسمي، وإنما أيضًا على الاسترخاء والانفتاح على التجربة.

عندما تدخلين النشاط الجنسي من مطارح الوعي والراحة، تصبح تجربتك أكثر عمقًا وإمتاعًا، والاتصال مع الشريك يصبح سلسًا وصادقًا ومكتملًا.

إن هذه الطقوس هي من أهم ما تحتاجين إليه لنجاح علاقتك الحميمية والجنسية مع الشريك، فالعلاقة لا تبدأ وتنتهي على السرير، وإنما قبلها وبعدها، بالتواصل مع ذاتك ومعرفة حاجاتك وحاجات الشريك، بالعطاء والاستقبال، بالمحبة والاحترام والإصغاء، بتمكين الوعي وعيش الحاضر، هذه هي أسرار العلاقات الحميمية التي تبحثين عنها.

اقرئي أيضًا:

أفضل 22 طريقة لتعزيز الطاقة الأنثوية المقدسة في داخلك

ألم الدورة الشهرية: تخلصي منه بحكمة الأنثى القمرية

الحب من طرف واحد: ثورة كيميائية في دماغك برأي الخبراء

metawomanblog

ماريان إسماعيل - كاتبة ومترجمة من سوريا

Recent Posts

مقولات عن الحرية: إشراقات ملهمة من كبار الأدباء والمفكرين

لطالما كان موضوع الحرية من أكثر المواضيع الإثارة للجدل في الأوساط الأدبية والإجتماعية والسياسية والدينية…

3 أسابيع ago

الحب من طرف واحد: ثورة كيميائية في دماغك برأي الخبراء

يختبر كثيرون منّا الحب من طرف واحد. ويجد البعض طريقه بعد أخذ ورد وصد، لكن…

شهر واحد ago

طرق الاتصال مع الذات وأسرار السلام الداخلي

أشعرت بأنك غريبة عن نفسك؟ وإذا نظرت في المرآة لا تتعرفين إلى انعكاسك؟ تعيشين وفق…

شهرين ago

ملف التحرش الجنسي ورحلة تشافي ديمة من الصمت إلى المواجهة (1)

أن تشعري بالخوف، بالتوتر، بالعجز، بالذنب، بالألم، أن يختفي صوتك في عَتْمِ الظلم، أن تتساءلي…

3 أشهر ago

هل تستخدم هذه الكلمات؟ 7 جمل تدل على عدم تقدير الذات

تعكس اللغة التي نتحدث بها مع أنفسنا تقديرنا لذواتنا، فهي النافذة التي ننظر بها إلى…

4 أشهر ago

أهم 15 وضعية من تمارين اليوغا بالصور (دليل اليوغا وأصوله)

تخيلي نفسك تجلسين على سجادة صغيرة في مكان هادئ تفضلينه، ربما حقل ورد أو شاطئ…

4 أشهر ago