اعتقدت بأنك واثقة من نفسك، لكن في موقف أو لحظة ما انهار هذا البناء الذي بدا راسخًا وثابتًا. في الحقيقة لا ضير من الشعور بعدم الأمان في بعض اللحظات وأن تضعف ثقتنا بأنفسنا، فلا يوجد إنسان لا يعتريه الشك في خضم التحديات الصعبة.
بالرغم من ذلك، إن بناء الثقة بالنفس مسألة وحاجة ضرورية، لما ينطوي عليه من تأثير على جودة وأسلوب حياتنا، وبالتالي على النتائج التي سنحصدها لاحقًا.
بناء الثقة بالنفس أسهل مما تتوقعين، لكنك تحتاجين إلى الصبر والمثابرة. مارسي بعض العادات يوميًا ولمدة 3 أشهر وستجدين بأنها أصبحت جزءًا من نظامك وانضباطك. ستصبحين أمرأة واثقة من نفسها، تشعر بالراحة في جلدها ومع ذاتها. ستشعين بثقتك في محيطك وتؤثرين بالآخرين على نحو لافت.
لنبدأ جولتنا عن الثقة بالنفس وأهم التمارين التي تعزز من الثقة بالنفس.
تعريف الثقة بالنفس
تعرّف الباحثة الاجتماعية منال صالح طاهر الثقة بالنفس على أنها صفة شخصية يشعر معها الفرد بالكفاءة والقدرة على مواجهة الظروف المختلفة، وذلك باستخدام أقصى إمكاناته وقدراته لتحقيق أهدافه. وهي صفة مكتسبة من البيئة حيث تلعب الخبرات دورًا بارزًا في تكوينها.
والثقة بالنفس هو الموقف الذي تتخذينه حيال قدراتك أو مهاراتك. فأنت تعرفين نقاط قوتك، وتشعرين بالارتياح أيضًا إزاء نقاط ضعفك أو هشاشتك كأنثى (vulnerability). في العموم تتمتعين بنظرة إيجابية عن نفسك، وتؤمنين بها ولا تخشين من مواجهة التحديات.
تصويت
أسباب ضعف الثقة بالنفس
قبل ممارسة عادات الثقة بالنفس أو تبني هذه الطرق من المفيد أولًا أن نسأل أنفسنا بعض الأسئلة المهمة لفهم أسباب ضعف ثقتك بنفسك ولماذا تظهر في مواقف محددة.
فالوعي بهذه الأسباب هي نقطة انطلاقك إلى التحسين والتطوير.
من أسباب ضعف الثقة بالنفس:
- الصدمات: فالإيذاء الجسماني والجنسي والعاطفي واللفظي يؤثر تأثيرًا بالغًا على مشاعرنا بقيمة النفس.
- أسلوب التربية: طريقة تربية الأبوين لنا تؤثر على حياتنا واختياراتنا وعلى ثقتنا بأنفسنا. فإذا كان أحد الوالدين يهزأ بك باستمرار ويقارنك بالأخريات فستضعف ثقتك بنفسك حتمًا.
- التنمر والتحرش والإذلال: هذه العوامل تترك بصمتها في حياتك ولا سيما إن تعرضت لها في مرحلة الطفولة.
- الجنس والعرق والتوجه الجنسي: إذا تعرضت إلى التمييز العرقي والجنسي فقد تحملين بداخلك بعض الرسائل غير الصحية حول نفسك وإمكاناتك وأصالتك.
ما الفرق بين امرأة واثقة من نفسها وأخرى لا تثق بنفسها؟
صفات المرأة الواثقة من نفسها | صفات المرأة غير الواثقة من نفسها |
---|---|
تحتفل بنجاح الآخرين | تحكم وتغار من الآخرين |
ذات عقلية منفتحة | ذات عقلية منغلقة |
متفائلة | متشائمة |
مستعدة لتحمل الأخطار | تخاف من التغيير |
تضحك على نفسها | تخفي أخطاءها |
حاسمة | غير حاسمة |
تتعلم وتنمو باستمرار | تتصرف وكأنها عالمة بكل شيء |
تعترف بأخطائها وتتحمل المسؤولية | تلقي باللوم على الآخرين |
كيف تبنين ثقتك بنفسك كإمرأة ميتا واعية بذاتها
1- توقفي عن مقارنة نفسك بالأخريات
غالبًا ما تكون مقارنة النفس بالآخريات هو نمط مكتسب من العائلة حيث يقوم أحد الوالدين أو كلاهما بمقارنة الأطفال ببعضهم البعض أو بالآخرين. وفي الوقت الحاضر، ومع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت المرأة تميل إلى مقارنة نفسها بالأخريات وتصاب بالاحباط والاكتئاب.
في مقالنا الذي نشرناه سابقًا على مدونة امرأة ميتا «أثر وسائل التواصل الاجتماعي على صورة المرأة» أشرنا إلى الآثار الجانبية السلبية لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي مثل عدم الرضا عن الذات وتدني احترام الذات وارتفاع مستوى الاكتئاب وأعراض القلق. فالنساء عمومًا تتعرضن لصور أجسام مثالية وبشرة خالية من العيوب، مما يخلق لدى المرأة شعورًا بالقلق حول نفسها وصورة جسمها، وذلك بالرغم من معرفتنا بأن هذه الصور معدّلة باحتراف وأن هؤلاء النساء غير موجودات واقعيًا.
الحياة ليست سباق ولا منافسة – استرخي، وتذكري نقاط قوتك وميزاتك والتحديات التي نجحت في تجاوزها حتى اليوم. اكتبي أو سجلي الأمور التي أنت ممتنة لها، وعودي إليها وقت الحاجة. ركزي على حياتك واتركي حياة الأخرين لأصحابها.
2- مارسي التأكيدات الذاتية الإيجابية يوميًا
في دراسة نشرتها مجلة (Social Cognitive and Affective Neuroscience) استنادًا على التصوير بالرنين المغناطيسي، وجدت بأن ممارسة التوكيدات الذاتية تنشط مراكز المكافأة في دماغك. فإذا قلت لنفسك “سأحصل على هذه الترقية” ستضيء مراكز المكافأة ذاتها التي تستجيب لممارسة التجارب الممتعة الأخرى، مثل تناول طعام شهي أو الفوز بجائزة. تشعل التوكيدات الإيجابية المسارات العصبية، وتحدث تغييرات في مناطق الدماغ التي تجعلك سعيدة وإيجابية.
فالتأكيدت الإيجابية تستبدل أنماط التفكير السلبية بطرق صحية فتؤثر إيجابيًا على الدماغ والجسم، ووفقًا لموقع مايو كلينيك فإن “التأكيدات الإيجابية تزيد من الثقة بالنفس وتقدير الذات وتخفض من التوتر ومن إنتاج الكورتيزول (هرمون التوتر)، حيث تم ربط ارتفاع مستوى الكورتيزل بمشكلات تتعلق بالوزن وصعوبات النوم وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب”.
إليك بعض التأكيدات الإيجابية لتقوليها يوميًا ويفضل أن تمارسي التأكيد الإيجابية صباحًا عندما تفتحين عينيك وقبل أن تنهضي من الفراش:
- أنا شجاعة وقوية ومرنة.
- الماضي لا يحدد من أكون.
- أسامح نفسي وأحرر نفسي.
- أنجز كل ما أركز عليه.
- أنا جميلة من الداخل والخارج.
- أطالب بقدراتي وأتجاوز كل الحدود.
- أثق في سيرورة الحياة.
- عندما أسامح نفسي، تصبح مسامحة الأخرين أسهل.
- في أعماقي يوجد بئر لا ينضب من الحب.
- أرحب بالمعجزات في حياتي.
- أنا محبوبة، وأعيش في سلام.
- يبدأ وينتهي يومي بالامتنان.
- أنا ممتنة جدًا لكل الحب في حياتي. وأجده في كل مكان.
- أعيش في تناغم مع الطبيعة.
أدعوك للتعرف إلى لويز هاي Louise Hay، كاتبة أمريكية ومتحدثة تحفيزية مشهورة، ومتابعة تأكيداتها الإيجابية على اليوتيوب، فهي الأفضل على الإطلاق.
3- احيطي نفسك بأناس إيجابيين
من مبدأ قل لي من أصدقاؤك أخبرك عن مستقبلك، أو أقل لك من أنت. فالأصدقاء يؤثرون تأثيرًا عميقًا على حياتنا وفقًا لموقع مارشال كونكتس، كما يشكلون شخصياتنا وتجاربنا وشعورنا بالانتماء. فالوقت الجيد الذي تقضيه مع الأصدقاء ضاحكًا مازحًا مستمتعًا لا يقدر بثمن.
يمكن أن يستمر تأثير الأصدقاء لفترة طويلة بعد فترة الانفصال، حيث تقول إحدى الدراسات بأن الأصدقاء المناسبين يقللون من الآتي:
- خطر الإصابة بالأمراض.
- ضغط الدم.
- معدل ضربات القلب.
- نسبة الكوليسترول.
توجد جملة شهيرة للمتحدث التحفيزي جيم رون: “إننا معدل الأشخاص الخمسة الذين نقضي معظم وقتنا بصحبتهم”. فهم يؤثرون على أفكارك ومواقفك تجاه نفسك والحياة أكثر مما تعتقدين. انتبهي إلى شعورك بصحبتهم، أتشعرين بالسوء؟ إن كانت جوابك نعم فقد حان وقت الوداع.
إن بناء علاقات مع السيدات اللواتي يمكنهن التأثير على حياتك وإنجازاتك أمرًا مثاليًا للغاية. فدعمهن لك لا يقدر بثمن ولا سيما إن كانت لديك تطلعات شخصية ومهنية محددة.
ليس بالضرورة أن يكون أصدقاؤك يمتهنون مسار الحياة ذاته أو يمتلكون الأحلام ذاتها، لكن يجب أن يمتلكوا نظام الدعم الإيجابي وأن يضيفوا قيمة إلى حياتك. فطريقة تفكيرك وشعورك وتصرفاتك ستتأثر إلى حد كبير بأصدقائك لذا اختاريهم بحكمة.
4- الشغف والإنجاز
أن تعرفي ما هو شغفك في الحياة لهو خطوة كبيرة ومهمة، وأن تعملي في إطار شغفك سيطلق أجنحتك لتنمية مهاراتك والاستثمار في نفسك وتطوير ذاتك لتحقيق أهدافك. أن تمارسي شغفك يعني أن تتواصلي مع نفسك أن تعرفي إمكاناتك ومهاراتك وتسكبي إبداعاتك في إطار فن الحياة.
إذا كنت امرأة شغوفة في مجال معين، ستضعين الاستراتيجية والخطة والأدوات لتحقيق ما تصبو إليه روحك، ومع كل إنجاز سواء أكان صغيرًا أم كبيرًا سيعزز من ثقتك بنفسك ويرسخ من احترامك لذاتك.
في كل مرة تواجهين فيها التحديات وتتغلبين على الصعاب ستثقين بقدراتك أكثر وبقوتك الداخلية وإمكاناتك غير المتوقعة. إن هذا التأثير الإيجابي للشغف والإنجاز سيتجاوزك وسيلهم من حولك ويؤثر عليهم أيضًا إيجابيًا.
يمكنك البدء باستراتيجية «الابتداء بأهداف صغيرة قابلة للتحقيق»، إذ يعتمد هذا المفهوم على فكرة أن تحقيق أهداف بسيطة وصغيرة له تأثير كبير على المدى الطويل، وذلك من خلال تقسيم المهام إلى مهام أصغر وأصغر حتى يمكنك تنفيذها تدريجيًا كما يفعل الرياضيون الأولومبيون.
تحقيقك لأهداف صغيرة سيزيد من ثقتك بالنفس، فكل نجاح صغير يعزز من إيمانك بقدرتك على الإنجاز، ويبني الزخم اللازم والتحفيز الضروري لمواصلة السعي نحو أهداف أكبر.
5- اهتمي بصحتك وجسمك وقفي مشدودة الظهر
ترتبط الصحة الجسمانية والصحية النفسية ارتباطًا وثيقًا ومركبًا، إذ يصعب الشعور بالرضا عن النفس عندما تسيئين استخدام جسمك. وممارسة بعض العادات الصحية ترسخ في عقلك تقدير الذات مما يزيد من شعورك بالثقة.
إليك بعض الممارسات الصحية التي تدعم خطواتك في بناء الثقة بالنفس:
- النظام الغذائي: من المهم تناول الطعام الصحي وتغذية جسمك بالعناصر والفيتامينات المهمة لأداء مهامه على نحوٍ أفضل. عندما يتحرك جسمك بكل قوته وبهائه ستشعرين بالابتهاج والعنفوان والثقة بالنفس.
- التمارين الرياضية: تسهم التمارين في تقوية الجسم ومرونته وتعزز من القدرة على التحمل. كما تحفز من إنتاج الأندورفين وهو هرمون مرتبط بالشعور بالسعادة والاسترخاء.
- التأمل: يساعدك التأمل على اكتشاف نفسك، واليقظة تعلمك أن تعيشي اللحظة والتوقف عن التفكير الزائد والثرثرة العقلية السلبية.
تجدر الإشارة إلى أن للغة الجسد تأثير ملحوظ على الثقة بالنفس، فعندما تمارسين أوضاعًا تدل على الثقة والوقوف باستقامة والتواصل البصري ورفع الرأس، فإن ذلك يمكن أن يؤثر إيجابيًا على حالتك النفسية. إذ تشير الأبحاث إلى أن تبني وضعيات القوة يمكن أن تعزز من شعورنا بالثقة ويقلل من التوتر، وذلك من خلال تأثيرها على مستويات هرمونات الإجهاد في الجسم.
تشعرين بالتردد؟ بالخجل؟ قفي باستقامة وارفعي رأسك.
6- كوني لطيفة وحسب مع نفسك
يعزز التعاطف الذاتي من اتصالك مع نفسك أولًا وبالآخرين ثانيًا، يجعلك أكثر مرونة في التعامل مع المواقف أو المشاعر المعقدة. يبدأ اللطف مع الذات في الحديث الإيجابي مع نفسك، تحدثي مع نفسك كأنك تتحدثين مع طفلتك أو مع أعز صديقاتك بالمحبة والشغف والصدق والدعم ذاته.
فالتعاطف الذاتي والحديث الإيجابي يساعدانك في التغلب على التحديات، إذ يقنعان عقلك بأنك قادرة على التعامل مع المواقف الصعبة خلافًا للحديث الذاتي السلبي.
متى وجدت نفسك في موقع أو حديث سلبي مع ذاتك، تذكري بأن الأفكار التي تعتريك لا تمثل هويتك وليست دقيقة أو صحيحة بالكامل. خذي نفسًا عميقًا وابدئي عملية تحويل الأفكار السلبية إلى الإيجابية، ستجدين مع الوقت أنك بدأت احتراف هذه العملية. وهذه القدرة على التحكم في أفكارك ستزيد من ثقتك بنفسك على نحو كبير.
إليك 4 طرق لتطوير التعاطف مع الذات:
- استبدلي الأفكار الإيجابية المشجعة بالأفكار السلبية على الفور.
- عندما ترتكبين خطأ ما اربتي على كتفك، وأكدي لنفسك بأنها فرصة للتعلم، إياك وجلد الذات.
- سامحي نفسك، ألم تسامحي أحبائك/أصدقائك من قبل؟ إذًا لم لا تسامحين نفسك. الماضي غير موجود والمستقبل متخيل أنت موجودة فقط في اللحظة الراهنة. لذا احتضني نفسك بكل الحب والتعاطف.
- التدوين: دوني صفاتك الرائعة وإنجازاتك ومهاراتك، وعودي إليها في لحظة ضعف لتدفعك من جديد إلى الأمام.
7- الشكر والامتنان
يقول الدكتور جو ديسبنزا في أحد لقاءاته: “الشعور بالامتنان يجعل الإنسان يفرز جلوبولين A المناعي، وهو اللقاح الطبيعي للجسم ضد الإنفلونزا وهو أفضل مادة كيميائية مناعية”.
الشعور بالامتنان له تأثير على جهازك العصبي الذي يصنع صيدلية من المواد الكيميائية، وبالتالي يحسن من شعورك تجاه نفسك وتجاه الحياة.
أدخلي في نظامك الصباحي للتأكيدات الإيجابية بعض عبارات الامتنان، وفكري أيضًا بالأمور التي أنت شاكرة وممتنة لها: صحتك، عملك، أطفالك، حالة الأمان التي تعيشينها الآن، يقظتك ووعيك، أنوثتك، إنجازاتك، أصدقائك، عائلتك، أو حتى الأشياء التي من حولك، سريرك، الجدران، الطعام وغيرها. هناك الكثير من الأمور التي يمكن حقيقة أن تكوني ممتنة لها، أمعني فقط في التفكير.
مارسي عملية الشكر والامتنان 3 مرات في اليوم ولاحظي الفرق في جودة حياتك التي بدأت تعلن عن نفسها.
امتلاك الثقة بالنفس لها تأثير كبير على حياتك، بعضنا قد يكون محظوظًا كفاية ليحصل عليها من أبوين واعيين، وبعضنا الآخر تضطره ظروف الحياة إلى أن يعيد بناءها طوبة طوبة. ومع ذلك، في النهاية أنت هنا، أنت من الفائزات اللواتي عرفن قدر نفسهن، وتسعين إلى تطوير الذات لتظهري أفضل نسخة منك إلى العالم. ببساطة، أنت امرأة ميتا – المرأة الواعية بذاتها!
المصادر:
اقرأ/ي أيضًا:
أفضل 22 طريقة لتعزيز الطاقة الأنثوية المقدسة في داخلك