التخلص من التفكير الزائد والإفراط به ضروري لأسباب عديدة، أهمها أن تعيشي الحاضر وتستمتعي باللحظة الراهنة وتقدريها، وأن تكوني حاضرة كليًا يعني غالبًا الشعور بالأمان وغياب القلق والتوتر، كيف ذلك؟ لأنك تعيشين فعليًا في منطقة الأمان معظم الوقت، أي أنت بأمان الآن، فلماذا تدعين القلق والتوتر يسيطران بأفكارهما على حياتك؟
تعرّفي في هذا المقال إلى ما تحتاجين لمعرفته عن التفكير الزائد وأنماطه وأنواعه وكيفية علاج التفكير الزائد والتوتر والتخلص منهما، وغير ذلك الكثير.
وفقًا لقاموس ميريام وبستر فإن التفكير الزائد هو قضاء وقت كثير بالتفكير في شيء ما، أو تحليله بطريقة ضارة أكثر منها نافعة. وجاء في قاموس كامبريدج بأنه التفكير في شيء أكثر من اللازم وبطريقة غير مفيدة.
يحدث التفكير الزائد عندما تفكر أو تجتر على نحوٍ متكرر الفكرة نفسها أو الموقف ذاته مرارًا وتكرارًا إلى درجة قد تعيق حياتك. وينقسم التفكير الزائد إلى فئتين اجترار الماضي والقلق إزاء المستقبل.
إذا كنت تعانين من الإفراط في التفكير، فقد تشعرين بأنك غير قادرة على اتخاذ أي إجراء إطلاقًا، ويصعب عليك أيضًا التركيز على ما تقومين به، بسبب الأفكار المتلاطمة في عقلك.
ويرى البعض أن التفكير المفرط قد يكون مفيدًا في بعض الأحيان إذ يتضمن النظر إلى القضية أو الموقف من جميع الجوانب وتوقع الأحداث المستقبلية. إلا أن الأبحاث تشير إلى ارتباط التفكير الزائد بمشاعر الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعض الصدمة.
جميعنا نهدر الوقت بالتفكير في أشياء يمكن أن تسوء مثل مقابلة عمل في الأسبوع المقبل أو التفكير لساعات في موقف أو حديث مزعج مع شخص ما. إلا أن العثور على طرق للحد من التفكير الزائد يساعدك على القيام بفعل في حياتك بدلًا من التفكير في الأشياء المزعجة. وبهذا بدلًا من اجترار الموقف ذاته تستطيعين اتخاذا الخطوات اللازمة لحل الموقف.
يرجى التصويت!
تقول سنام حفيظ، أخصائية علم النفس العصبي في مدينة نيويورك، “إن الإفراط في التفكير قد يكون وسيلة لمحاولة السيطرة على الموقف والشعور بالثقة أكبر إزاء ما يجب فعله لاحقًا. إنه محاولة الدماغ للتخفيف من حدة قلقك عبر التنقل بين السيناريوهات المحتملة والتنبؤ بما سيحدث مستقبلًا”.
ولكن، عندما نفكر زيادة عن اللزوم، نعلق غالبًا في الوضع أو الموقف ونواجه صعوبة في المضي قدمًا واتخاذ الإجراءات اللازمة. تقول أيضًا سنام حفيظ بأن “مشكلة التفكير الزائد هي أن أذهاننا دائمًا ما تأتي بسؤال آخر مثير للقلق”.
يرى باحثون أن بعض الأشخاص قد يكونون أكثر عرضة للاجترار من غيرهم. على سبيل المثال، يميل الأشخاص الذين يسعون للكمال إلى الوقوع في التفكير الزائد، ولذلك بسبب الخوف من الفشل والحاجة إلى الكمال، وبهذا يقوم الشخص بإعادة القرارات والأخطاء أو انتقادها.
قد لا يكون الإفراط في التفكير أمرًا سيئًا. لكنه يصبح غير صحي عندما يمنعك من اتخاذ الإجراءات أو يتعارض مع حياتك اليومية ورفاهيتك.
يمكن أن يخلق الإفراط في التفكير دائرة لا نهاية لها من التوتر والقلق، مما قد يجعلك تشعرين في النهاية بانعدام الثقة والحماس والاستعداد. كما له دور فعّال في ظهور مشاكل القلق والاكتئاب، لذلك من الضروري إيجاد طرق للتخلص من أنماط التفكير المدمرة هذه.
أما بعض الاضطرابات المرتبطة بالتفكير الزائد هي كالآتي:
لا يقسم الخبراء التفكير الزائد إلى أنواع، إلا أن بعض الناس يفرطون في التفكير من خلال الانخراط في أنماط معرفية مشوهة، وغالبًا ما تؤدي إلى التوتر والقلق والاكتئاب، وهذه الأنماط هي:
يميل الناس إلى الإفراط في التفكير للأسباب الآتية:
إليك بعض التقنيات الفعّالة والعملية للحد من التفكير الزائد:
من الرائع أن تخرجي إلى الطبيعة واستنشاق الهواء النقي الذي سيفيدك جدًا. تشير الدراسات إلى أن المشي لمدة 90 دقيقة في الطبيعة يمكن أن يخفض من اجترار الأفكار. والسبب في ذلك قلة الضوضاء والمشتتات في البيئة الطبيعية، فضلًا عن القدرة التي تمنحها الطبيعة لوقف الأفكار السلبية، وتقدير ما هو أكبر من الذات البشرية، وهو كيان الطبيعة.
يُنتج الدماغ جميع أنواع الأفكار باستمرار والاقتراحات الفكرية التي قد تكون شبه ثابتة، إلا أن الأمر بيدك في النهاية لتقرري قبولها أو رفضها.
ليس عليك أن تأخذي كل فكرة مزعجة تخطر ببالك على أنها حقيقة، ولا أن تصدقي كل ما يخبرك به عقلك، فإحدى الطرق الفعّالة للحد من التفكير الزائد هي تحدي المخاوف والأفكار المتواترة، اتخذي مسافة منها وانظري إليها عن بُعد بموضوعية.
ولما تفرطي في التفكير تساءلي عن حقيقة ما هو صحيح وما هو خاطئ، بذلك لن يكون للتفكير المقلق نفس القدر من القوة والسلطة عليك.
هل تخبرك صديقاتك بأنك غارقة في أفكارك وتقلقين كثيرًا؟ ربما هم على حق بعض الشيء. احصلي على وجهة نظر صديقتك حول المشكلة التي تزعجك، واطلبي منك أن تنبهك عندما تغرقين في أفكارك الخاصة، بشرط أن تكون الصديقة على دراية بإدارة التفكير الزائد، فقد أظهرت بعض الدراسات أن تداول المناقشات والمشاكل بين الأصدقاء قد يؤدي إلى تفاقم القلق.
تؤكد أبحاث كثيرة أن التمارين الرياضية تساعد في تخفيف القلق والاكتئاب واضطرابات الصحة العقلية الأخرى. كما قد تساعدك في التغلب على التفكير الزائد، إذ يشير أحد الأخصائيين بأن المشي لمدة 5 دقائق يمكن أن يرسل دفقًا من المواد الكيميائية والهرمونات الجيدة مثل الإندورفين إلى الدماغ.
كما قد تساعد الحركة الجسمانية من إخراج جهازك العصبي من حالة القتال أو الهروب، والمساعدة في تهدئة أي تفكير مرتبط بالصدمة.
عندما يكون الدماغ في حالة راحة، تضيء فيه مناطق حل المشكلات والمناطق المرتبطة بالتفكير المرجعي-الذاتي. فإذا تركت الدماغ لأجهزته الخاصة سيفرط في التفكير وحده. وهذا يعني بأن عليك أن تدربي عقلك للتوقف عن ذلك، ولا سيما إذا كان ذلك يحدث في أوقات محددة مثل قبل الذهاب إلى النوم. لا يصعب إعادة برمجة هذه العادة، تستطيعين تبني أنشطة أخرى لتصفية الذهن بدلاً من أن تسرحي في أفكارك.
إن التدريب على الانتباه هو أسلوب في التأمل يمكن أن يساعد الأشخاص الذين يعانون من القلق والاكتئاب. وأسهل طريقة لممارسة ذلك التركيز على شيء عادي وروتيني تمامًا مثل غسل الأطباق أو طي الملابس. وجهي انتباهك ببساطة إلى المهمة التي تقومين بها بطريقة تشعرك بالتركيز الشديد، وعدم التركيز على مراقبة نفسك وأية أحاسيس قد تنشأ. إن هذه النوع من التركيز يعمل على تهدئة أفكارك المتطفلة في رأسك.
من المفيد لك أن تمارسي اليقظة الذهنية بالمعني التقليدي، وابتداءً بفحص جسمك. أغمضي عينيك وحاولي أن تشعري بنبض قلبك، اشبكي اصابع يديك واضغطي عليهما بقوة، أو ضعي قدميك على الأرض واشعري بكل نقطة تلامس الأرض. أما الطرق الأخرى للتواصل مع جسمك هو سماع الموسيقى أو الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية أو ممارسة اليوغا.
كتابة اليوميات هي طريقة مفيدة للتخلص من الأفكار العالقة في رأسك، أو يمكنك تدوين قائمة بالمهام، أو إعداد خطة عمل لتهدئة عقلك المتجول قليلًا. يمكنك القيام بذلك في أي مكان، بدءًا من الكتابة على دفتر أو الكتابة على أحد تطبيقات الملاحظات في هاتفك المحمول.
ربما تتعاطفين جيدًا مع أمك أو أختك أو صديقتك.لكن ماذا عن نفسك؟ كيف تتعاملين معها؟ وما هو حوارك الداخلي مع نفسك عندما تواجهين مشكلة أو تحديًا؟
إنه لأمر في غاية الأهمية أن تكوني قادرة على تقديم الحب واللطف والتسامح لنفسك، فبذلك ستعملين على تهدئة نظام التهديد الداخلي في جسمك، ويصبح عقلك واضحًا وقادرًا على حل المشكلة التي تواجهك.
بهذا نكون قد قدمنا لك أهم ما تحتاجين إلى معرفته عن التفكير الزائد وأنواعه وأنماطه ومحفزاته ودلالاته، بالإضافة إلى أهم طرق علاج التفكير الزائد والتوتر وكيفية الحد منه، حتى تستطيعي عيش اللحظة الراهنة براحة وأمان.
ندعوك إلى قراءة مقال المرأة والأشجار حتى تتعرفي من جديد إلى صديقاتنا وجداتنا الحكيمات وتعيدي تلك العلاقة المنسية، بالإضافة إلى مقال عن كتاب مهم للغاية جسمك يتكلم اسمعه للكاتبة ديب شابيرو.
المصادر:
انطلاقًا من أهمية موضوع الطفل الداخلي وتأثيره العميق والكبير على حياتنا، واستكمالنا لمقالنا السابق شفاء…
بالرغم من أن مفهوم الطفل الداخلي ظهر في أربعينيات القرن الماضي على يد الفيلسوف السويسري…
ما هو الحيوان الروحي؟ يشير الحيوان الروحي في بعض الثقافات الروحية القديمة إلى روح تحمي…
هل تصدقين بأن ألم الدورة الشهرية مجرد فكرة موجودة في رأسك؟ كثيرًا ما قابلت فتيات…
نتساءل ويسأل كثيرون ما هو الحب؟ يرغبون في معرفة إن كان ما يعيشونه من مشاعر…
كثير من النساء والفتيات عالقات مسجونات في شباك وهم الزمن - الماضي والمستقبل، وغير قادرات…